الولاء والبراء ركن عظيم من أركان العقيدة
وشرط من شروط الإيمان
التعريف اللغوي للولاء :
الولاية بفتح الواو وكسرها تعني النصرة: يقال:
هم على ولاية: أي مجتمعون في النصرة (لسان العرب)
والولي والمولى واحد في كلام العرب، ووليك هو من كان بينك وبينه سبب يجعله يواليك وتواليه أي تحبه
وتؤيده وتنصره ويفعل هذا أيضاً معك، والله ولي المؤمنين ومولاهم بهذا المعنى أي محبهم وناصرهم
كما قال تعالى:
{الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور} (البقرة:257)
وقال أيضاً:
{ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم}
(محمد:11)
المعنى الشرعي للولاء:
ونستطيع أن نقول أن الولاية الثابتة من كل مسلم لأخيه المسلم تشمل ما يلي: الحب، والنصرة، والتعاطف والتراحم والتكافل والتعاون
وكف كل أنواع الأذى والشر عنه، وبعض هذه الأمور الإيجابية يدخل في باب الفرائض والواجبات وبعضها يدخل في باب المستحب والمندوبات
كما قال تعالى:
{وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين} (الأحزاب:6)
وكذلك قوله تعالى: {إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض} (الأنفال:72)
وهذا تأكيد من الله جاء بصفة الخبر وكأنه أمر مستقر مفروغ منه، والمقصود بالأمر بأن يوالي المهاجرون الأنصار بعضهم بعضا
ثم قال بعد عدة آيات:
{والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم} (الأنفال:75)
وقد يظن ظان أن المحبة عمل قلبي ولا يستطيع الإنسان التحكم فيه فكيف يرغم على محبة المسلمين؟!
والجواب أن هذا خطأ لأن القلب تابع للعقيدة والإيمان فمن آمن بالله وأحبه فلابد أن يحب من يحب الله،
والمسلم مفروض فيه أن يحب الله ويطيعه ولذلك وجب علينا محبة المسلم لمحبتنا الله ولدينه، بل لا يمكن
أن يتصور إيمان أصلاً دون أن يحب المسلمون بعضهم بعضاً،
كما قال صلى الله عليه وسلم:
[لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه
تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم]
(مسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجة).
الأصل الثاني من أصول الإيمان البراء :
والبراء في الشرع :
هو بغض من خالف الله ورسوله والصحابة والمؤمنين الموحدين، من الكافرين
والمشركين والمنافقين والمبتدعين والفساق.
كما قال تعالى :
{يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء}
(الممتحنة:1)
وهكذا قال ابن عباس أيضاً أن آيات الممتحنة قد نزلت في حاطب وفي شأن هذه الواقعة
كما روي ذلك الحاكم بإسناده
إلى ابن عباس رضي الله عنهما في قوله عز وجل: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي
وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة}
إلى قوله {والله بما تعملون بصير} نزلت في مكاتبة حاطب بن أبي بلتعة ومن معه من كفار قريش يحذرهم
(رواه الحاكم وقال: "صحيح على شرط الشيخين" ولم يخرجاه واقره الذهبي).
وفي آيات الممتحنة يحذر سبحانه وتعالى من اتخاذ الكفار أولياء، وإلقاء المودة لهم مع كفرهم ، وفي ذلك دلالة واضحة بينة في وجوب التبري من الكفار
ووجوب إعلان البغضاء والكراهية لهم.
ولقد حذر سبحانه وتعالى في آيات أخرى بأن تولي المسلم للكافر كفر ومروق من الدين كما قال تعالى :
{ومن يتولهم منكم فإنه منهم} نص صريح في كفر من اتخذ نصرانياً كان أو يهودياً ولياً له
وقوله: {ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء} ظاهر في تكفير من فعل ذلك .
ولذلك فإعلان البراءة من الكافرين وكفرهم هو الأمر الثاني واللازم للالتزام بدين الله وحده واتباع صراطه المستقيم فمن اتبع صراط الله
واهتدى بهدي رسوله وجب عليه أن يعلن مفارقه كفر الكافرين ومخالفة هديهم ودينهم كله.
أن هذه العقيدة أوثق عرى الإيمان، لما روى أحمد في مسنده عن البراء بن عازب قال:
قال رسول الله : { أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله }.
يقول الشيخ سليمان بن عبدالله بن محمد بن عبدالوهاب رحمهم الله: فهل يتم الدين أو يقام علم الجهاد
أو علم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا بالحب في الله والبغض في الله، والمعاداة في الله، والموالاة في الله ولو كان الناس متفقين على طريقة واحدة،
ومحبة من غير عداوة ولا بغضاء، لم يكن فرقانا بين الحق والباطل ولا بين المؤمنين والكفار، ولا بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان.
وللفائدة أن الصدقة والإحسان على الكفار جائزة بل مستحبة
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : [في كل كبد رطبة أجر]
(البخاري ومسلم وأبو داود وأحمد وغيرهم).
ولما ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم :
أنه أمر أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما أن تصل أمها وهي كافرة في حال الهدنة التي وقعت بين
النبي صلى الله عليه وسلم وبين أهل مكة على الحديبية.
مختصر من كتاب :الولاء والبراء
[لأبي عبد الله عبد الرحمن بن عبد الخالق ]
< مع بعض التصرف >