غادة رشيد Admin
عدد المساهمات : 355 تاريخ التسجيل : 28/07/2008
| موضوع: مكارم الأخلاق الثلاثاء 5 أغسطس - 10:47 | |
| مكارم الأخلاق منهج قرآني وسلوك حضاري
قال الله تبارك وتعالى في القرآن الكريم : {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} (فصلت:34-35) صدق الله العلي العظيم. أقسام الأخلاق.الأئمة ساروا على هدي جدهم صلى الله عليه وآله في تأصيل مكارم الأخلاق، لأنّ النبي صلى الله عليه وآله حصر الهدف والغاية من بعثته في إتمام مكارم الأخلاق، بقوله صلى الله عليه وآله : ((بعثت لأتمّم مكارم الأخلاق)), وحتى يتضح معنى مكارم الأخلاق لابد أن نشرح ما أفاده النبي صلى الله عليه وآله والأئمة في إيضاح هذا المعنى، وهذا يتطلب تسليط الضوء على علم الأخلاق في تقسيماته الرئيسية، التي لها منحيان : الأول: محاسن الأخلاق. وهو النمط السائد والعام بين الناس، الذي يعتمد مبدأ المنفعة، فتُحسن لمن أحسن إليك، وتُعطي لمن أعطاك، وتصل من وصلك، وهلُمَّ جرّا ، فالإحسان مقابل الإحسان. وعلى هذا الأساس نجد أنّ الشرائع السماوية كافة والعقلاء يُركزون على محاسن الأخلاق باعتبار أنّ حياة الناس لا تستقيم إلا بها، ولذلك قيل إنّ في محاسن الأخلاق سعة في الأرزاق، فمثلاً ، الشخص الذي يُجري معاملات اقتصادية وتجارية مع الآخرين إذا كان يتمتع بالأخلاق الحسنة فالله تبارك وتعالى سوف يفتح عليه أبواب الرزق. الثاني: مكارم الأخلاق.وهذا نمط آخر من الأخلاق أعظم من محاسن الأخلاق، ولا يرتبط فقط بالرزق وديمومة الحياة، وإنما يرتبط بالواقع العميق لنفس الإنسان، بمعنى أنّ مكارم الأخلاق تُركّز على الجانب المعنوي في شخصية الإنسان، وتُصّير الأخلاق الحسنة تنبثق من خلال مبادئ وثوابت كامنة في كُنه وجود الإنسان. لأنّ مكارم الأخلاق لا تعتمد على مبدأ المنفعة، وإنما تعتمد على زرع الخير وإزالة أُسس الشر من نفس الإنسان، فهي تُركز على زرع الفضيلة وإزالة الرذيلة، هذه هي مكارم الأخلاق. مكارم الأخلاق في أحاديث النبي صلى الله عليه وآله . ولقد أولت الروايات أهمية بالغة في إعطاء تطبيقات عملية لمكارم الأخلاق، فالنبي صلى الله عليه وآله يقول عن المكارم: ((أن تصل من قطعك، وأن تُعطي من حرمك، وأن تُحسن لمن أساء إليك))، فهذه مكارم تختلف عن المحاسن التي تُحسن لمن أحسن إليك، وتصل من وصلك، ولكن المكارم لها مبدأ آخر، يقضي على كوامن الشر في نفس الإنسان ويزرع مبادئ الخير والصلاح والفضيلة في كنه وجوده، والنبي صلى الله عليه وآله كما أشرنا يحصر الهدف والغاية من بعثته بإتمام مكارم الأخلاق: ((بعثت لأتمّم مكارم الأخلاق)). دور أئمة أهل البيت عليهم السلام في غرس مكارم الأخلاق. الأئمة من أهل البيت عليهم السلام قدموا سعياً كبيراً وجهداً عظيماً في التركيز على مكارم الأخلاق، باعتبارها تحوي بُعداً يمتاز بالشمولية، ونستطيع أن نسميه بالبعد الحضاري، بمعنى أنه لا يرتبط بالبرهة الزمنية التي يعيشها الإنسان، وإنما يمتد بأبعاده إلى الرحاب البعيدة التي يجتاز فيها الأزمنة كي يُؤثر في الإنسان ولو بعد أحقاب من السنين المتطاولة، بحيث أنّ الإنسان يتكهرب بشخصية صاحب المكارم القدسية، وطُهر نفسه الزكية، باعتبار أنّ مكارم الأخلاق تزرع في الإنسانية بذور الخير والصلاح، ولا تكتفي باحترام الحقوق، وإنما تُؤسس لأرقى وأفضل وأحسن وأكمل أنماط وأنواع الحقوق والتعاملات المبتنية على أُسس الخير والهدى والفضيلة. مكارم الأخلاق في أدعية أهل البيت عليهم السلام. ولذلك إذا رجعنا إلى التراث الزاخر بالعطاء اللامحدود لأئمة أهل البيت عليهم السلام نجد الكم الهائل من الروايات والأحاديث والأدعية والحِكَم التي تبني شخصية الإنسان على مكارم الخلق. فهذا إمامنا زين العابدين عليه السلام في دعاء مكارم الأخلاق يدعو الله تبارك وتعالى ويقول: ((اللهم صل على محمد وآل محمد، وسدِّدني لأن أُعارض من غشَّني بالنُّصح، وأُجزيَ من هجرني بالبرِّ، وأُثيبَ من حرمني بالبذل، وأُكافئَ من قطعني بالصِّلة، وأُخالف من اغتابني إلى حسنِ الذِّكر، وأن أشكر الحسنة وأُغضيَ عن السَّيِّئة)) , فالإمام يُؤكد على الإنسان بأن لايتحدث إلا بالجميل ويُغض الطرف عن السيئات، كي يُصبِح مصدراً للخير لا مصدراً للشر، ويقول عليه السلام أيضاً في دعاء مكارم الأخلاق: ((وأَجرِِ للناس على يديَّ الخير ولا تمحقه بالمنّ)), ((اللهم صل على محمد وآل محمد، وأَبدلني من بُغضة أهل الشّنآن المحبّة، ومن حسد أهل البغيِ المودّة، ومن ظِنَّةِ أهل الصلاح الثِّقة))، أي، أنّ الصالحين لو ظنوا بك السوء، فعليك أن تقابل ذلك -كما يقول إمامنا زين العابدين- بالثقة، فما أروع هذه الأخلاق، ((ومن عداوة الأدْنَيْنَ الوِلاية، ومن عقوق ذوي الأرحام المبرَّة، ومن خذلان ذوي الأقربين النُّصرة)) ، لاحظوا هذه مكارم في الخُلق وليست محاسن, فأنا لا أعطي من أعطاني, ولا أقدم النصح لمن قدم إليّ النصح, وإنما من أساء إليّ أقدم له الإحسان، ومن قطعني أواصله، فهذه هي الأخلاق التي تبني إنسانية ملؤها الفضيلة والصلاح، تقلُّ فيها الشرور وتنضح بالفضيلة والرشد. مكارم الأخلاق في تعامل الإمام الحسن عليه السلام . الإمام الحسن عليه السلام أيضاً ركّز على هذا المبدأ في الأبعاد التعاملية مع الأقربين والأبعدين. أما مع الأقربين والذين كانوا يعتقدون بإمامته, ولكن ينقصهم الأفق الرحب والواسع، وينظرون إلى الأشياء من خلال ذلك البعد الضيق، فيدخل عليه أحدهم ويخاطب الإمام عليه السلام ويقول له: "يا مذل المؤمنين". ما هو الموقف والرد الذي يصدر من الإمام عليه السلام لمثل هؤلاء! يقول عليه السلام : ((والله ما أنا مذل للمؤمنين، وإنما معزّ للمؤمنين، ولكنني أريد لكم الخير)) ، فالإمام يريد أن يُوسع أفق نظر هذا المعترض فينظر إلى أفق أبعد وأوسع، وكذلك،عندما يأتي ذلك الشامي الذي ضللته الدعاية والإعلام المضاد فيتحدث بالسوء تجاه شخصية الإمام الحسن عليه السلام ، يلتفت إليه الإمام عليه السلام ويقول له: ((أظنك غريباً، (لست من أهل هذه المدينة)، فإن كنت ضالاً هديناك، أو جائعاً أشبعناك، أو عرياناً كسوناك، أو محتاجاً أغنيناك))، فهذا الموقف يمثل مفاجأة لهذا الشامي، الذي تتحطم كبرياء نفسه ويزول أثر تلك الدعايات والإعلام المضاد، وينفتح أُفق الخير أمام ناظريه، وإذا به يتغير في سلوكه ويخاطب الإمام عليه السلام ويقول: ((والله لقد دخلت المدينة ولا يوجد فيها شخص أبغض إليّ منك ومن أبيك، وها أنا أخرج منها ولا يوجد عندي من هو أقرب وأحب إليّ منك ومن أبيك)) هذا التغيير قد لا يحدث لأي شخص كما حدث لإمامنا الحسن، ولكن هذا الموقف قد يكون مؤثراً من ناحية الفترة الزمنية البعيدة على الأجيال اللاحقة. ونحن عندما ننظر إلى شخصيات الأنبياء والرسل والأئمة من أهل البيت نجد أنهم لا يركزون في خلقهم الكريم على البرهة الزمنية المعاشة لهم، وإنما ينظرون إلى الآفاق البعيدة لإنسان الأزمنة القادمة, وذلك، لأنهم يريدون أن يؤسسوا مكارم الخلق في أعماق الإنسانية كي ينتشر الهدى ويعم السلام، ويُنَشّأ الخُلق على الفضيلة والرشد.
والإمام الحسن عليه السلام عندما يُسأل عن بعض المفاهيم يجيب عنها مُبيناً أهمية مكارم الخُلق، فعندما سأله رجل: ((ما الشرف يا بن رسول الله؟ قال:اصطناع العشيرة وحمل الجريرة)) ، فالإنسان الشريف ينطلق من شرفه لاصطناع الناس ليصبح الآخرون يمثلون عشيرة له، وأيضاً يتحمل بعض الجرائر، فإذا تعرض الإنسان للخطأ وأصبح مُدان، فينبغي أن تُسهم في رفع ذلك الدين، وترفع ذلك العوز وتُغني تلك الحاجة التي ألمت به، ثم يقال له: ((فما النجدة؟ قال: الذَبُ عن الجار، والصبر في المواطن والإقدام عند الكريهة)) ، فالإنسان يحتاج أن يكون شجاعاً في مواطن الموت، وبذل النفس في سبيل الله، وقيل له: ((فما المجد؟ قال: أن تُعطي في الغُرم وأن تعفو عن الجُرم))، فأنت في حالة الغُرم وكونك محتاجاً، فلا بد مع ذلك أن تكون يدك هي يد ندى وخير وجود وكرم، وكذلك، إذا أُسيئ إليك وأصبح الآخرون عندهم جانحة وجرم ضدك، فخلقك الصفح والعفو عن الجرم. وهذه هي الأخلاق الفاضلة التي أشار إليها المصطفى صلى الله عليه وآله في قوله: ((بعثت لأتمم مكارم الأخلاق))، وهي منبثقة من قوله تعالى: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ}, ويقول الباري تبارك وتعالى:{وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ }(آل عمران134)، وإذا كانت هذه الأخلاق هي السائدة في عالمنا الإسلامي، فعند ذلك نستطيع أن نؤثر على الإنسانية جمعاء وأن ننشر مبادئ الخير والسلام والرفق والاحترام الجم لحقوق الإنسان والعدالة في ربوع المعمورة، وهذا لايتأتى إلا من خلال الثقافة المستندة إلى الأئمة من أهل البيت عليهم السلام . | |
|
حبيبه رسول الله Admin
عدد المساهمات : 1063 تاريخ التسجيل : 09/08/2008
| موضوع: رد: مكارم الأخلاق الثلاثاء 14 أبريل - 11:45 | |
| موضوع رائع فعلا ومهم ياختى الغاليه | |
|
زائر زائر
| موضوع: رد: مكارم الأخلاق الأربعاء 9 سبتمبر - 23:47 | |
| |
|