الاستفزاز.. (أسبابه.. نتائجة.. انعكاسه)
يعتبر الإستفزاز أحد أنواع العنف النفسي الناتج عن القُصور المَعرفي والتسطح الفكري وقلة العمق في الفهم.. كما ويلجأ المرء إلى استفزاز الأخر عندما يشعر بالإفلاس (ليس بالمعنى المادي - بل الإفلاس في الموقف).. الذي يتجلى بانعدام القدرة على الثبات ورباطة الجأش.. وبالتالي اللجوء إلى سلوك غير متوازن وغير مقبول بالشكل العام.. ويتمثل ذلك بالخروج عن حدود اللباقة والأدب، ونثر الكلام كيف ما اتفق وبطريقة غير مدروسة.. فيصل الأمر إلى مكان غير محمود العواقب.. وقد يصل الإستفزاز بالبعض إلى الغضب والهيجان نتيجة انعدام القدرة على كبح جماح النفس الغاضبة. وقد يزيد عن ذلك فيصبح هوساً وجنوناً.
ينشأ الاستفزاز من عدة عوامل اعتقد أنها تبدأ من النقص التقني في أسلوب الحوار اللبق الذي لا يمتلكه الكثير من الناس (وقد أكون أحدهم).
وقد يلجأ البعض إلى استفزاز الأخر بعد إحساسه بالإفلاس - ليس بالمعنى المادي - ليحقق نجاح أو انتصار في موقف معين.. فيستغل انفعال الطرف الذي وقع عليه الاستفزاز ليسجل نقطة (وهمية) لصالحه. وربما عندما يقع المرء في خطأ ما يسعى إلى استفزاز الأخر ليشغله عن الخطأ الواقع عن طريق إثارة انفعاله.. واستفزازه. (وقد يكون لهذه الحالة نتيجة سلبية أو عكسية على صاحبها. فيصبح الخطأ خطئين). وقد يسعى البعض إلى استفزاز الغير نتيجة سوء الفهم للموقف معين.. وعدم افتراض حسن النية عن الأخر.. وهو ما يسمى بـ (تبييت النوايا أو التربص والترصد..)
والحالات التي ذكرتها على سبيل المثال لا الحصر، فيوجد الكثير من العوامل الأخرى التي تثير الإستفزاز الغير..
الاستفزاز غالباً ما ينشئ عند الأشخاص الذي يعتقدون أنهم محيطين بكل شيء علماً.. وأنهم على علم ودراية بكل ما حولهم (أي يعيشون حالة من الوهم والغباء والجهل التي تصور لهم أنهم على صواب بكل ما يفعلونه.. وكل من يخالفهم الرأي أو الفكرة فهو بمثابة العدو وليس الند).. وغالباً ما يكون أكثر الناس علماً أبعدهم عن استفزاز الأخر..
- ((وأنبياء الله عليهم الصلوات والسلام أوضح مثلاً على هذا. من خلال كلامهم الطيب وقدرتهم على استيعاب الأخر)) -
فمُدَعّي العلم والمعرفة غالباً ما يلجأون إلى تسخيف وتسفيه أفكار الأخر.. بطريقة تدعو إلى الإستفزاز. ويتمثل ذلك بأجلى صوره في الخلاف الفكري وخلاف الرأي.. وهذه الحالة كما اعتقد هي أكثر حالات الإستفزاز شيوعاً في بلادنا.
اعتقد أن أبرز انعكاسات الاستفزاز على النفس هو الشعور بنوع من الإحباط النفسي والقلق الناتج عن إضطرار المرء إلى الجوء للرد بطريقة غير محببة نتيجة الخروج عن محيط دائرة الحوار والتحول إلى الهجوم بسبب تضييق الحلقة عليه وحصره في زاوية ضيقه، فيلجأ إلى الإستفزاز كوسلية للدفاع.. فيصبح المرء مصاب بالهم كبير في حالتي الرد على الإستفزاز..
فإذا بقي صامت ولم يرد على من استفزه سيشعر بالضيق لأنه سمح لمن استفزه بتحقيق نقطة (وهمية) عليه.. أضف إلى ذلك الإحساس بالدونية والإنتقاص من قيمة الذات واهتزاز الثقة بالنفس إذا لم ترد على من استفزك. ولو بطريقة لا تناسب مستوى الحوار.
وإذا رد على الاستفزاز والغضب يلهب مشاعره كان الرد انفعالياً وغير محمود العواقب.. الأمر الذي قد يؤدي إلى الندم أو خسارة الطرف الأخر.
لذا ماهي برأيكم أفضل الطرق في الرد على من يحاول أن يستفز الغير..
هل الصمت وبلغ الإهانة.. أما الرد بنفس الطريقة والأسلوب.. أما محاولة امتصاص الغضب والاستفزاز.. أم افتعال البرود وهدوء الأعصاب.
ترى لماذا يكون افتراض سوء النية حاضر قبل التفكير بحسن نية الأخر..؟؟
لماذا تكون أغلب المواضيع والردود والمشاركات على مواضيع الخلافات الفكرية وخلافات الرأي ذات طابع هجومي استفزازي..
هل يرضي استفزاز الأخر النزعة السادية الموجودة في النفس البشرية.. (إذا كان الجواب نعم) فسأكمل وأوقول.. هذا هو الحال ونحن نتواصل من خلال شبكة الأنترنت.. فكيف سيكون الحال لو كان أحدنا أمام الأخر.. ترى هل كان سيكتفي أول بضرب الثاني.؟؟.
لا أعتقد أن أحداً في هذه الدنيا يرغب بأن يكون سيئاً.. فكلنا يسعى لأن يكون الأفضل.. فلماذا نتمسك دائماً بل ونصر على التمسك بأسوء العادات والتحلي بأكثر الأخلاق سوء وسوداوية..