المرور بين يدي المصلي
عن أبي جهيم رضي الله عنه قال :قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:
"لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه من الإثم ، لكان أن يقف أربعين خيراً له من أن يمر بين يديه قال أبو النضر لا أدري أقال أربعين يوماً أو شهراً أو سنة"
فقه الحديث
هذا الحديث يوجه المار بين يدي المصلى وينذره ويحذره ،
وهناك في الصحيح أحاديث أخرى توجه المصلى أن يقي نفسه ومكانه من أن يمر أحد بين يديه،
فعن ابن عمر " أن النبي صلي الله عليه وسلم كان يصلى إلى راحلته "
وفي رواية " صلى إلى بعيرة "
وفي حديث " كان يغرز العنزة - أي الحربة - ويصلى إليها "
وفي حديث" كان يعرض راحلته وهو صلى إليها "
وفي حديث "إذا وضع أحدكم بين يديه مثل مؤخرة الرحل - وهو العود الذي في آخر الرحل الذي يستند إليه الراكب - فليصل ولا يبالي من مر وراء ذلك "
وفي حديث أبي سعيد الخدري " إذا كان أحدكم يصلى فلا يدع أحداً يمر بين يديه وليدرأه ما استطاع ، فإن أبى فليقاتله ، فإنما هو
شيطان"
فالموضوع ككشف العورة والنظر إليها ، كل من الناظرة والمنظور عليه واجب ، وتقصير أحدهما في واجبه لا يبرر تقصير الآخر ، وإذا كان على المصلى أن يتخذ سترة كان على المار أن لا يمر بين المصلى وسترته ، ولا بين يديه إن لم يتخذ سترة .
قال النووي: ولا خلاف أن السترة مشروعة إذا كان في موضع لا يأمن المرور بين يديه ، واختلفوا إذا كان في موضع يأمن المرور
بين يديه ، ومذهبنا أنها مشروعة مطلقا
وهل الخط في الأرض أو على الرمل يقوم مقام السترة عند عدمها ؟ المختار إستحبابه إذاً لم يجد غيره ،
وفي كيفيته قيل:
يجعله مقوساً كالهلال ،
وقيل : أفقياً معترضاً بينه وبين القبلة ،
وقيل: يخطه يميناً وشمالاً ،
ويستحب أن يدنو المصلى من السترة بحيث يكون بينه وبينها قدر إمكان السجود ،
وكذلك بين الصفوف وسترة الإمام سترة لمن خلفه .
وإطلاق الأربعين في إثم المار بين يدى المصلى للمبالغة في تعظيم الأمر على المار وليس العدد مراداً ،
فقد ورد عند إبن ماجه " لكان أن يقف مائة عام خيرً من الخطوة التي خطاها "
ولا شك أن الإثم يختص بمن يعلم النهى وارتكابه،
إذ قوله " لو يعلم المار " دليل على توقف هذا الجزاء على العلم.
وقد قسم بعض المالكية أحوال المار والمصلى في الإثم إلى 4 أقسام:
1- يأثم المار دون المصلى ، كأن يصلى إلى سترة في شارع غير مطروق .
2- يأثم المصلى دون المار، كأن يصلى في طريق مشروع مسلوك بغير سترة ولا يجد المار مندوحة [ هذا غير مسلم ، بل على المار أن يقف حتى يفرغ المصلى من صلاته ].
3- يأثم المصلى والمار جميعاً ، كأن يصلى في طريق مسلوك بغير سترة ويجد المار مندوحة ، فيأثمان .
4- لا يأثمان ، كأن يصلى إلى سترة في غير طريق مشروع ، ولم يجد المار مندوحة [ وهذا أيضاً غير مسلم ، بل على المار أن يقف حتى يفرغ المصلى من صلاته ].
أما كيف يفعل إذا رأى ماراً بينه وبين سترته ؟
فإن الأحاديث تأمر بمنعه من المرور،
ففي مسلم عن أبي صالح السمان قال : بينما أنا مع أبي سعيد يصلي يوم الجمعة إلى شئ يستره ، إذ جاءه رجلٌ شاب من بني أبي معيط ، أراد أن يجتاز بين يديه ، فدفع في نحره ، فنظر فلم يجد مساغا ًإلا بين يدي أبي سعيد، فعاد ، فدفع في نحره أشد من الدفعة الأولى، فمثل قائماً، فنال من أبي سعيد، ثم زاحم الناس فخرج ، فدخل على مروان ، فشكا إليه ما لقى .
قال: ودخل أبو سعيد على مروان ، فقال له مروان : مالك ولابن أخيك؟ جاء يشكوك .
فقال أبو سعيد : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :" إذا صلى أحدكم إلى شئ يستره الناس ، فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدع في نحره ، فإن أبي فليقاتله ، فإنما هو شيطان ".
والذي عليه جمهور الفقهاء أنه يستحب للمصلي إلى سترة أن يشير للمار أو يسبح إذا كان بعيدا ًعنه، وليس له أن يمشي إليه ليرده ، فإن كان قريبا ًمنه استحب أن يرده برفق بيده ، فإن أبى فله أن يدفعه بشدة ، ثم له أن يقاتله بغير سلاح ، فإن هلكفلا قود عليه باتفاق . وفي وجوب ديته مذهبان .
والجمهور على أن الصلاة لا يقطعها مرور من مر ،
وفي رواية عن أحمد يقطعها مرور الكلب الأسود ،
وفي النفس من قطعها بمرور الحمار و المرآة شئ واستند إلى أحاديث قال عنها الجمهور: إنها منسوخة أو مؤولة.