من هو المؤهل لقيادة العالم ؟
بسم الله الرحمن الرحيم
من هو المؤهل لقيادة العالم ؟
بقلم : عاهد ناصرالدين
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «كنت في مكة اقرأ قول الله تعالى {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ }القمر45، فأقول أي جمع هذا الذي سيهزم؟ حتى كانت غزوة بدر فرأيت المشركين يعطوننا أكتافهم للذبح، ورسول الله- صلى الله عليه وسلم يتلو {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ }.
ما أشبه اليوم اليوم بالأمس؛ النظام الرأسمالي يتحكم في العالم وأمريكا تحاول فرض هيمنتها على العالم،وحملة عالمية معادية للإسلام والمسلمين، وبطش وتنكيل وقتل وتدمير،وتدخل أجنبي في بلاد المسلمين، وهزائم ونكسات ونكبات وويلات، والأمة الإسلامية فقدت قيادتها وتشرذمت .
فهل الأمة الإسلامية مؤهلة لقيادة العالم وهي تتلو قول الله – عزوجل- {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ }النور55.
هل الأمة الإسلامية مؤهلة لقيادة البشرية وهي تسمع تصريحات وزير الداخلية البريطاني تشارلز كلارك:"إنّ مسألة إعادة الخلافـة وتطبيق الشريعة الإسلامية أمران مرفوضان لا يقبلان النقاش أو المساومة" معتبراً "أن هذه القيم أساسيّة وغير قابلة للتفاوض …". وقد سبقه إلى ذلك رئيس وزراء بريطانيا توني بلير حيث أعلن تبنيه لما سلف مضيفاً إليها موضوع القضاء على دولة "إسرائيل"، معتبراً "إن تحكيم الشريعة في العالم العربي، وإقامة خلافة واحدة في بلاد المسلمين، وإزالة نفوذ الغرب منها، هو أمرٌ غير مسموح به ولا يمكن احتماله مطلقاً".
هل تستعيد الأمة مكانتها ورموز الإدارة الأميركية يحذرون بشدة من الخلافة؛ كالجنرال مايرز ورامسفلد ومؤخرا بوش الذي حذر من قيام الخلافة الإسلاميّة منبهاً إلى: "إنَّ استراتيجية أوسع لناشطين إسلاميّين تهدف إلى إنهاء التأثير الأميركي في الشرق الأوسط، واستغلال الفراغ الناجم عن ذلك، في الإطاحة بأنظمة للحكم في المنطقة" وأضاف "إن المخطَّطَ الأكبر هو: إقامة إمبراطوريّة إسلاميّة متطرّفة من إسبانيا وحتّى إندونيسيا». ويتطابق هذا أيضا مع ما ذهب إليه بوتين عن التهديدات التي تؤرقه في آسيا الوسطى، منبهاً إلى "إنه يوجد من يعمل على إسقاط الأنظمة العلمانية بغية إقامة دولة إسلامية في آسيا الوسطى".
كيف تقوم الخلافة وقد أعدت أمريكا الخطط الإستيراتيجية التي تبدو فيها الحرب واضحة سافرة ونصبت فيها العداء للإسلام والمسلمين، وهي خطط يبدو عليها الإصرار على منع عودة الإسلام إلى الحكم، وهي عودة يرى الغرب أنها تسير بخطى متسارعة ، وقد ظهرت منهم تصريحات تعبر عن قلقهم الكبير من عودة الخلافة فقد صرح بوش في 6/10/2005م مشيراً إلى وجود استراتيجية لدى "ناشطين إسلاميين آخرين تهدف إلى إنهاء النفوذ الأميركي والغربي في الشرق الأوسط، واستغلال الفراغ الناجم عن خروج أميركا للسيطرة على دولة تكون قاعدة انطلاق لهم". وأضاف أنه "عند سيطرتهم على دولة واحدة سيستقطب هذا جموع المسلمين، ما يمكنهم من الإطاحة بجميع الأنظمة في المنطقة، وإقامة إمبراطورية أصولية إسلامية من إسبانيا وحتى إندونيسيا" وأضاف أنه "مع وجود قوة سياسية واقتصادية وعسكرية أكبر سيتمكنون من تطوير أسلحة دمار شامل للقضاء على إسرائيل" وقد كان القائد الأعلى للقيادة المركزية للجيش الأميركي جون أبو زيد أكثر صراحة عندما ردد كلام رئيسه وذكر أن الإمبراطورية التي يسعى المسلمون لإقامتها هي دولة الخلافة فقال في شهادة أمام الكونغرس: "إن الهدف من إخراج أميركا من المنطقة هو الإطاحة بالأنظمة الحاكمة القائمة في المنطقة، وأنه ستكون هناك محاولة للتوسع في النفوذ وإقامة خلافة …… وهذا المصطلح يعود إلى خليفة محمد، ويعني بلداً يحكمه حاكم زمني وديني …….. إعادة الخلافة تعني أن رجلاً واحداً خليفة لمحمد، سيكون القائد السياسي والعسكري العالمي للمسلمين ……. أن هذا سيسمح بالسيطرة على الثروة النفطية الهائلة الموجودة في المنطقة، وهم ينوون خلال كل ذلك القضاء على إسرائيل ……. الهدف التالي سيكون التوسع إلى البلاد الإسلامية غير العربية، ومنها أفريقيا الوسطى وجنوب آسيا " إلى غير ذلك من التصريحات التي لا يتسع المجال لذكرها.
إن الغرب ترتعد فرائصه من عودة الإسلام ،ويدرك قدرة الأمة الإسلامية على قيادة البشرية؛ ففي مقال نشرته صحيفة (ذا بوليتان) يوم الجمعة 15-5-2009 حذرالكاتب الأمريكي هيرب دنينبيرج مما سماه بـ"الغزو الإسلامي" لأوروبا قائلا "إن هدف المسلمين حاليا ربما يقتصر على النيل من إسرائيل، ولكن هدفهم الأساسي يتمثل في السيطرة على أوروبا" وأضاف أنه إذا كانت أوروبا في الظاهر تعتبر "قارة غربية مسيحية" إلا أنها قريباستكون خاضعة للسيطرة الإسلامية، معتبرا أن "انهيار أوروبا المسيحية يمضي بخطىمتسارعة" وأن انحسار الثقافة الأوروبية يعود إلى "تراجع الإيمان بالقيم الغربية، في الوقت الذي يستميت فيه آخرون (في إشارة إلى المسلمين) في سبيل إعلاءقيمهم وثقافتهم" وحذردنينبيرج من أن " الهيمنة الإسلامية سوف تغزو الولايات المتحدة بعدأوروبا باعتبارها الهدف النهائي للمسلمين ".وهذا ما أكدته مقررات مؤتمر عقد مؤخرا في الغرب حضره مفكروا الغرب وسياسيوه الذين باتوا مقتنعين أكثر من أي وقت مضى أن الإسلام قادم قادم, لذلك أعلنوا في مؤتمرهم متسائلين: إن الإسلام قادم إلى الغرب فماذا نحن فاعلون ؟!أما بات بوكانان وهو جمهوري أمريكي محافظ فيقول "الحقيقة هي أن ثبات الإسلام وقدرة الاحتمال لديه شيء مبهر حقاً. فقد تمكن الإسلام من البقاء رغم قرنين من الهزائم والإذلال… لقد تحمل الإسلام أجيالا تعاقبت على الحكم, واقتبست النمط الغربي، برغم ذلك صمد الإسلام أمام الملوك والحكام التابعين للغرب، بل وتصدى الإسلام بسهولة للشيوعية … وبرهن على قدرته على التحمل أكثر من الوطنيات التي سادت في العالم العربي. وما نراه الآن هو أن الإسلام يقاوم الولايات المتحدة آخر قوة عالمية كبرى… وطالما تمكنت فكرة الحكم الإسلامي من السيطرة على الشعوب الإسلامية، فلن يتسنى آنذاك لأضخم جيوش الأرض الحيلولة دون ذلك". وهذا يؤكد الحقيقة التي قالها الرئيس الأمريكي الأسبق نيكسون "نحن نؤخر خروج المارد الإسلامي من القمقم."
وأعلن وزير الداخلية الروسي رشيد نورعلييف أن" منظمة "حـزب التحـرير" تشكل خطراً كبيراً، ولديها الآن منافذ إلى الدول الأوروبية، وقال نورعلييف في ختام الاجتماع المشترك للمسؤولين في وزارتي داخلية روسيا وطاجيكستان: «اليوم تشكل هذه المنظمة خطراً كبيراً، وقد نشرت أذرعها ليس في روسيا فحسب، بل وفي طاجيكستان وبلدان آسيا الوسطى الأخرى. وتوجد لديها الآن منافذ إلى الدول الأوروبية". وأضاف أن أعضاء هذه المنظمة يعملون على تجنيد الشباب في صفوفهم بنشاط. وأشار إلى أن المحكمة العليا في روسيا ومثيلتها في طاجيكستان اعتبرتا هذه المنظمة متطرفة. وأكد أنه لا يمكن مكافحة هذا الشر إلا بالجهود المشتركة".
إن الأمة الإسلامية مؤهلة لقيادة العالم ذلك أن العالم اليوم يعيش في حالة من الفوضى والإضطراب سياسيا واجتماعيا واقتصاديا ويشعر العالم بأكمله بآثار الأزمةِ الماليةِ العالميةِ .
وإن القادر على حل هذه المشاكل والأزمات والقضاء على حالة الفوضى والإضطراب هو مبدأ الإسلام الذي أنزله الله – سبحانه وتعالى – على محمد – صلى الله عليه وسلم - ليبلغه للناس كافة ؛فنصوص القرآن التي لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها ؛ تدل على عالمية رسالة الإسلام بصراحة منها قوله تعالى {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ }سبأ28،إلى غير ذلك من الآيات الصريحة الواضحة الدالة على عالمية رسالة الإسلام .
والإسلام أتى بتشريعاته وأحكامه لمعالجة الإنسان في معاشه ومعاده وفي كل شؤون حياته السياسية والإجتماعية والإقتصادية .
هذه الأحكام جاءت لمعالجة شؤون الناس جميعا ؛ مسلمين وغير مسلمين ، {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً }النساء58 .
رسالة الإسلام التي تقضي على التفرقة بين الناس ، وحل النزاعات الإقليمية أوالطائفية أو العنصرية أو القبلية أو الوطنية ؛فالإسلام لا يفرق بين أبيض و أسود ولا بين جنس و آخر ، بل ينبذ العصبية والعنصرية والطائفية ، ويرفض جعلها مقياسا للتفاضل بين البشر ، وهذا واضح في قوله تعالى : {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ }الحجرات13.
إن الأمة الإسلامية قادرة على قيادة العالم ؛فبلادنا غنية بالثروة النفطيةِ، والموارد البشرية، والأراضي الزراعية الخصبة. وتمتلك بلادنا الفرصة والقدرة لأَخْذ مقاليد القيادة في المعركةِ ضدّ الفاقةِ في العالمِ. لكن لا يوجد هناك إرادة سياسية أَو قيادة في أنظمةِ الحكم القائمة في العالم الإسلامي لحِماية أَو مُسَاعَدَة الناسِ ، ناهيك عن التفكير في قيادة مثل هذا الكفاحِ العالميِ. فالحُكَّامُ يسمحون لاقتصادياتِنا - مثل كُلّ شيء آخر - أَنْ تخضع لمصالحِ القوى الاستعماريةِ. والناس يُجوّعونَ لأن هؤلاء الحُكَّامِ رَبطونا بالنظام الرأسمالي العالميِ، جاعلينَ الناسَ العاديينَ يَدْفعونَ هذا الثمن القاسيِ، لكي يزيد هؤلاء الحكام ثرواتهم وثروات البنوك الدوليَّة وشركات النفط. يَسْمحونَ لمرافق الدولة العامّةِ كالطاقة والماء أن تُباعَ وتمتلك من قبل الشركات الخاصّةِ. ففي أسوأ الأحوال يَستعملونَ الثروةَ بالكامل لأنفسهم، وفي أحسن الأحوال يُبذرونَ ثروةَ الأمة على مشاريع قصيرة المدى كبناء الفنادق الفخمة كما في دول الخليجِ. لم يصنعوا شيئاً من أجل زيَاْدَة قدرةِ بلدانِنا على تكرير النفطِ الذي ننتجه. فنحن نُنتجُ 43 % مِنْ نفطِ العالم، ومع هذا لا نكرر سوى 11 % منه، مما يعني استمرار اعتِمادنا على اسْتيراد المنتجات النفطية المكرّرة من الخارج وبأسعار باهظة.
لقد قادنا إهمال الحُكْم وإدارة اقتصادنا وفق شرع الله، سبحانه وتعالى إلى هذا الوضع الذي نعيشه؛ وبالعودة إلى التزامنا بالإسلام فحسب يُمْكِنُ أَنْ نضع حدّاً لهذه الكارثةِ. وعندما نَفْهمُ كَيفَ يمنع الإسلام حصول مثل هذه المشاكل وكيف يعالجُها، يُمْكِنُنا أَنْ نَرى الطبيعةَ الشاملةَ الصحيحة للنظام الذي وهبنا إياه الله، سبحانه وتعالى.
ولا يجوز أن يدّعي أحدٌ بأنّ الأمة الإسلامية تفتقر إلى الثروةِ أو الرجال؛ فالله - سبحانه وتعالى حبا الأمة بشعوب جادّة مجدة، وموارد طاقة وفيرةِ، وأراض زراعيةِ خصبة. ورغم ذلك يموت أناس في بلدانِنا جوعاً على أرصفة الشوارعِ بسبب فسادِ الحُكَّامِ المستشري في بلدانِنا، والعجزِ المطلقِ في إدارة شؤونِنا. لذلك فالسبيل لإعادة هيكلة اقتصادياتِنا وتخفيف وطأة الأزمة الاقتصاديةَ هو إزالة هذه الطبقات الحاكمةِ وبناء نظام سياسي قائم على الإسلامِ، أي إقامة نظام الخلافة. وعندما نَرى نظامِ الخلافة هذا مطبقاً يعالج مشاكلنا، عندها فقط يُمْكِنُنا أَنْ نُحرّرَ أنفسنا مِنْ دوّامة الظلمِ والاستغلال، ونخرج على العالم كأمة عدل رائدة قائدة للبشرية وتقودها نحو شاطئ الأمن والأمان .
إن الأمة الإسلامية باستطاعتها أن تخرج من هذا الوضع الذي آلت إليه، إن هي أخذت العقيدة الإسلامية بوصفها فكرة سياسية إسلامية لتقيم حياة الناس والعلاقات على أساسها، وهذا يلزم أن يستمر عمل العاملين في حزب سياسي لتركيز هذه العقيدة بمفهومها السياسي في الأمة،وستبدأ الأمة قطعا السير في طريق النهضة والتحرير، وهي السبيل الوحيد للنهضة والإرتقاء الفكري لتكون الأمة الإسلامية في مقدمة الأمم كما كانت من قبل حاملة رسالة الهدى والنور إلى العالم أ