قبس من نور الإسراء

قبس من نور الإسراء
للشاعر طلعت المغربى
الكون جلله السعود وكبرا
فى ليلة خير العباد بها سرى
فى ليلة نادى المهيمن حبه
ملئت عبيراً .. بل ومسكاً أذفرا
هى دعوة منا إليك حبيبنا
إن زاد شوقك كان شوقى أكبرا
أكرم بها من دعوة علوية
من عند من للخلق طرا قد برا
يدعوك ربك كى تزور جنابه
لتشاهد المستور عن كل الورى
وسريت بالجسم المشرف يقظة
ما كان يا مختار حلماً فى الكرى
وسريت للبيت المبارك حوله
فازدان لما جئته وتعطرا
شاهدتموا عجباً عجاباً سيدى
ولاهل مكة قد أتيت مخبراً
أبصرت قوماً يزرعون وزرعهم
بعد الحصاد يعود غضاً أخضراً
من هؤلاء القوم ؟ قيل لكم همو
كانوا رجالاً فى الحياة أكابرا
حملوا النفوس على الأكف واقسموا
ألا يهون الدين أو يك صاغرا
أهل الجهاد أجورهم يا سيدى
الله قدر أن تزيد وتكبرا
ورأيت اقواماً تدق رؤسهم
وقد استحقوا أن تدق وتكسرا
قد ضيعوا فرض الصلاة لأنهم
شغلوا النفوس بما يباع ويشترى
ورايت قوماً كالبيوت بطونهم
هذا الذى عنه الربا قد اسفرا
ورأيت قوماً يتركون أمامهم
لحماً نضيجاً طيباً ومطهرا
بل يبحثون عن الحرام سفاهة
لحماً خبيثاً لا يشم ولا يرى
وسألت عن أحوالهم وفعالهم
من هؤلاء القوم ؟ بل ماذا أرى ؟
جبريل خبرنى الحقيقة يا أخى
فأجاب جبريل الأمين مخبرا
إن الذين رأيتهم يا سيدى
لهمو الزناة وبئس قوماً من ترى
ورأيت ثم رايت ملكاً ظاهراً
كل بدا لك فى الغيوب مسطرا
ويقول رب العرش جل جلاله
للمصطفى بالفضل من بين الورى
إن كان أهل الأرض عنك تخلفوا
فلترتفع يا حبا عن هذا الثرى
إن ضاقت الأرض الفسيحة حبنا
فسماء ربك قد غدت بك أجدرا
هذى السما قد فتحت أبوابها
تستقبل المختار بدراً نيراً
لما أتيت إلى السماوات العلى
بقدومكم جبريل كان مبشراً
جبريل قدمكم عليه حبيبنا
بل عنك فى ها المقام تأخرا
هذا مقام ليس يدرك كنهه
جن ولا إنس ولا ملك يرى
وبكم ملائكة السماء قد احتفوا
وحبيت عند الله حظاً أوفرا
وهنالك فى اللاكيف كنت حبيبنا
نوراً بنور الله صار منوراً
لكمو التحيات الزكية ربنا
لمقامكم يارب جئت مكبراً
وسمعت من رب السماوات العلى
قولاً أرق من النسيم إذا سرى
وعليكمو منى السلام حبيبنا
رحماتنا تترى على خير الورى
وعلى العباد الصالحين سلامنا
من أجلكم حتى تكون مبشرا
أعطيتكم منى حبيبى خمسة
لم يعطها أحد مشى فوق الثرى
أنا قد بعثتك للخلائق كلها
كيما تكون مبشراً ومحذراً
ونصرتكم بالرعب شهراً كاملاً
منك الأعادى يرجعون القهقرى
وكذا الغنائم كلها حل لكم
ولكم صعيد الأرض صار مطهرا
ولقد منحتك فوق ذاك شفاعة
عظمى وذلك يوم يجتمع الورى
ولواؤك المعقود يعلى قدركم
يوم القيامة فوق هامات الذرى
هذى عطايانا " محمد " فاستلم
وإهنأ فمنا قد منحت الكوثرا
بركاتنا يا مصطفى احللتها
منى عليك وإن ذا بعض القرى
إنى كشفت الحجب عنك حبيبنا
ما كان وجهى عنك انت ليسترا
ته يا " محمد " أنت أفضل خلقنا
هذا مقامك حقكم أن تفخرا
ودنوت حتى إن قربك سيدى
من رب هذا الكون كان مقدرا
فكقاب قوسين المسافة بينكم
بل كان قربك يا " محمد " أكثرا
ما زاغ طرفك لحظة يا سيدى
كلا ولا كذب الفؤاد وقد درى
ما زاغ طرفك يا حبيبى لحظة
بل كنت تدرك جيداً ماذا ترى
وترددت خطواتكم يا سيدى
ما بين ربك والكليم لكى يرى
نور الجلال على جبينك ظاهرا
إرجع " محمد " لا تكن متحيرا
إنى بلوت الخلق قبلك لم أجد
إلا الاقلة يا " محمد " صابرا
وهنا يقول الله فى عليائه
أقبل إلينا الآن يا خير الورى
قد صار فرضى يا " محمد " خمسة
فرجعت وجهك ضاحكاً مستبشرا
هى ليلة قد كان وجهك سيدى
كالشمس لا بل كان وجهك أنورا
وأتى الصباح فجئت تخبر سيدى
فترى أبا جهل لقولكمو انبرى
شهر ذهاب ... بل وشهر عودة
تقضيه أنت بليلة ... ماذا جرى ؟!
لو قد جمعت الناس تخبرهم بما
أخبرتنى .. فتقول دونك ما ترى
وإذا شقى القوم يصرخ فيهمو
نادى الجميع لكى يجيئ ويحضرا
إن كان قولك فيه بعض حقيقة
قم وانعت الأقصى الكريم مخبرا
وإذا برب الكون يأمر جنده
أن ينقلوا الأقصى لكم كى تنظرا
أخبرتهم بالعير سوف تجيئهم
وبعيرهم قد ند .. قلت مذكرا
وتحقق الإخبار منكم سيدى
كالبدر فى الظلماء لاح فأسفرا
ودلائل الصدق المبين تضافرت
ماذا يقول من ادعى أو أنكرا ؟؟
ويعاند الأعمى أبو جهل الذى
قد راح ينكر كل ما كان قد أبصرا
عرف الحقيقة قلبه لكنه
قد لج فى غلوائه مستكبرا
هيا بنا لنخبر ابن قحافة
هذا حرى أن يقال ويذكرا
أسمعت يا ابن قحافة ماذا جرى !!
هذا " محمد " راح يخبر بالفرى
ويقول خير الخلق بعد " محمد "
إنى اصدق كل ما قد أخبرا
إن كان قال فصادق ومصدق
ما كان " أحمد " كاذباً ومزورا
هى رحلة جلت مشاهدها التى
شاهدتها عن أن تعد وتحصرا
يارب فاجمع شملنا وأمدنا
بالعون منك لكى نعود فننصرا
يارب حرر قدسنا وديارنا
واجعل لنا نصراً يكون مؤزرا
بلغ رسول الله أشواقى له
وابعث له منى السلام معطرا
سبحانك اللهم خير مؤيد
ثم الصلاة على المكرم بالسرى